الدرس‌ الاربعون‌

الدرس‌ الاربعون‌:

 الصحيفة‌ السجّاديّة‌ ومفاد: فَلَعَمْرِي‌، مَا الإمَامُ إلاَّ الحَاكِمُ بِالكِتَابِ...

 

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ ا لآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی العَظِيمِ

آية‌: وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي‌´ أَرَيْنَـ'كَ، والشجرة‌ الملعونة‌ حول‌ بني‌ أُميّة‌

 وصلنا في‌ الكلام‌ إلی حيث‌ يقول‌ المتوكّل‌: إنَّ يحيي‌ قد أعطاني‌ تلك‌ الصحيفة‌ وقال‌: هي‌ أمانة‌ لي‌ عندك‌ حتّي‌ توصلها إلی ابْنَي‌ْ عمّي‌ محمّد وإبراهيم‌ ابني‌ عبدالله‌بن‌ الحسن‌بن‌ الحسن‌ عليهما السلام‌، فإنَّهما القائمان‌ في‌ هذا الامر بعدي‌. قال‌ المتوكّل‌: فقبضت‌ الصحيفة‌ ولمّا قُتل‌ يحيي‌بن‌ زيد صرت‌ إلی المدينة‌، فلقيت‌ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ فحدّثته‌ الحديث‌ عن‌ يحيي‌، فبكي‌ واشتدّ وجده‌ به‌؛ وقال‌:

 رَحِمَ اللَهُ ابْنَ عَمِّي‌ وَأَلحَقَهُ بِآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ! وَاللَهِ يَا مُتَوَكِّلُ، مَا مَنَعَنِي‌ مِنْ دَفْعِ الدُّعَاءِ إلَيْهِ إلاَّ الَّذِي‌ خَافَهُ عَلَیصَحِيفَةِ أَبِيهِ؛ وَأَيْنَ الصَّحِيفَةُ؟!

( لقد كان‌ السبب‌ هو وصول‌ هذه‌ الصحيفة‌ إلی يد الكفّار وبني‌ أُميّة‌).

 فقلت‌: ها هي‌. ففتحها وقال‌:

 هَذَا وَاللَهِ خَطُّ عَمِّي‌ زَيْدٍ وَدُعَاءُ جَدِّي‌ علی بْنِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ!

 ثمّ قال‌ لابنه‌: قم‌ يا إسماعيل‌؛ فائتني‌ بالدعاء الذي‌ أمرتك‌ بحفظه‌ وصونه‌. فقام‌ إسماعيل‌ فأخرج‌ صحيفة‌ كأ نَّها الصحيفة‌ التي‌ دفعها إلی يحيي‌بن‌ زيد. فقبّلها أبو عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ ووضعها علی عينيه‌، وقال‌: هذا خطّ أبي‌ وإملاء جدّي‌ عليهما السلام‌ بمشهدٍ منّي‌.

 فقلت‌: يا بن‌ رسول‌ الله‌! رأيت‌ أن‌ أعرضها مع‌ صحيفة‌ زيد ويحيي‌، فأْذَن‌ لي‌ في‌ ذلك‌. فقال‌: قد رأيتك‌ لذلك‌ أهلاً.

 فنظرت‌ فإذا هما أمر واحد، وليس‌ فيهما حرف‌ واحد يخالف‌ ما في‌ الصحيفة‌ الاُخري‌. ثمَّ استأْذنت‌ في‌ دفع‌ الصحيفة‌ إلی ابْنَي‌ عبدالله‌بن‌ الحسن‌. فقال‌: إِنَّ اللَهَ يَأْمُرُكُمْ أَن‌ تُؤَدُّوا الاْمَـ'نَـ'تِ إلَی'´ أَهْلِهَا[7]؛ نَعَمْ، فَادْفَعْهَا إلَيْهِمَا!

 فلمّا نهضت‌ للقائهما؛ قال‌ لي‌: مكانك‌. ثمّ وجّه‌ إلی محمّد وإبراهيم‌ فجاءا؛ فقال‌: هذا ميراث‌ ابن‌ عمّكما يحيي‌ من‌ أبيه‌، فقد خصّكما به‌ دون‌ إخوته‌، ونحن‌ مشترطون‌ عليكما فيه‌ شرطاً.

 فقالا: رَحِمَكَ اللَهُ! قُلْ، فَقَوْلُكَ المَقْبُولُ.

 فقال‌: لا تخرجا بهذه‌ الصحيفة‌ من‌ المدينة‌؟

 قالا: ولِمَ ذاك‌؟

 قال‌: إنَّ ابن‌ عمّكما خاف‌ عليها أمراً أخافه‌ أنا عليكما.

 قالا: إنَّما خاف‌ عليها حينما علم‌ أ نَّه‌ يُقتل‌.

 فقال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: وَأَنْتُمَا فَلاَ تَأْمَنَا! فَوَ اللَهِ، إنِّي‌ لاَعْلَمُ أَ نَّكُمَا سَتَخْرُجَانِ كَمَا خَرَجَ وَسَتُقْتَلاَنِ كَمَا قُتِلَ!

 فقاما وهما يقولان‌: لاَ حَوْلَ وَلاَ قَوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی العَظِيمِ.

 فلما خرجا قال‌ لي‌ أبو عبد الله‌: يا متوكّل‌! كيف‌ قال‌ لك‌ يحيي‌ إنَّ محمّدبن‌ علی وابنه‌ جعفراً دعوا الناس‌ إلی الحياة‌ ودعوناهم‌ إلی الموت‌؟!

 قلت‌: نعم‌؛ أصلحك‌ الله‌؛ قد قال‌ لي‌ ابن‌ عمّك‌ يحيي‌ ذلك‌.

 فقال‌: يرحم‌ الله‌ يحيي‌، إنَّ أبي‌ حدّثني‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌، عن‌ علی عليه‌ السلام‌ أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أخذته‌ نعسة‌ وهو علی منبره‌، فرأي‌ رجالاً ينزون‌ علی منبره‌ نزو القردة‌، يردّون‌ الناس‌ علی أعقابهم‌ القهقري‌. فاستوي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جالساً والحزن‌ يُعرف‌ في‌ وجهه‌، فأتاه‌ جبرائيل‌ عليه‌ السلام‌ بهذه‌ ا لآية‌:

 وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي‌´ أَرَيْنَـ'كَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي‌ الْقُرْءَانِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَـ'نًا كَبِيرًا. [8]

( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي‌ الْقُرْءَانِ عطف‌ علی الرُّءْيَا. أي‌: وَما جَعَلْنا الشَّجَرَةَ المَلْعونَةَ في‌ القُرْآنِ إلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ؛ فسواء هذه‌ الرؤيا أم‌ الشجرة‌ الملعونة‌ فقد جعلناهما فتنة‌ للناس‌).

 وقال‌ جبرائيل‌ لرسول‌ الله‌: إنَّ المراد من‌ الشجرة‌ الملعونة‌ في‌ القرآن‌ يعني‌ بني‌ أُميّة‌. فقال‌ رسول‌ الله‌: يا جبرائيل‌! أَعلی عهدي‌ يكونون‌ وفي‌ زمني‌؟!

 قَالَ: لاَ! وَلَكِنْ تَدُورُ رَحَي‌ الإسْلاَمِ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ عَشْرَاً، ثُمَّ تَدُورُ رَحَي‌ الإسْلاَمِ عَلَیرَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِينَ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ خَمْسَاً، ثُمَّ لاَبُدَّ مِنْ رَحَي‌ ضَلاَلَةٍ هِي‌َ قَائِمَةٌ عَلَیقُطْبِهَا، ثُمَّ مُلْكُ الفَرَاعِنَة‌.

 قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَهُ تَعَ إلَی فِي‌ ذَلِكَ: «إِنَّا´ أَنزَلْنَـ'هُ فِي‌ لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَآ أَدْرَب'كَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» [9] تَمْلِكُهَا بَنُو أُمَيَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ القَدْرِ.

 وتدلّ هذه‌ ا لآية‌ علی أنَّ ليلة‌ القدر أفضل‌ من‌ ألف‌ شهر تحكم‌ به‌ بنو أُميّة‌.( وقد حكم‌ بنو أُميّة‌ ألف‌ شهر، أي‌ اثنان‌ وثمانين‌ سنة‌ أربعة‌ أشهر).

 قال‌: فأطلع‌ الله‌ عزّ وجلّ نبيّه‌ أنَّ بني‌ أُميّة‌ تملك‌ سلطان‌ هذه‌ الاُمّة‌ ويدوم‌ ملكها المدّة‌ المذكورة‌؛ فلو طاولتهم‌ الجبال‌ لَطَالُوا عَلَيْهَا، حتّي‌ يأْذَن‌الله‌ تع إلی بزوال‌ ملكهم‌، وهم‌ في‌ ذلك‌ يستشعرون‌ عدواتنا أهل‌ البيت‌ وبغضنا. أخبر الله‌ نبيّه‌ بما يلقَ أهل‌ بيت‌ محمّد وأهل‌ مودّتهم‌ وشيعتهم‌ منهم‌ في‌ أيّام‌ ملكهم‌.

 قال‌: وأنزل‌ الله‌ تع إلی فيهم‌: أَلَمْ تَرَ إلَی الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ.[10]

 و نِعْمَتَ اللَهِ محمّد وأهل‌ بيته‌، حبّهم‌ إيمان‌ يُدخل‌ الجنّة‌، وبغضهم‌ كفر ونفاق‌ يُدخل‌ النار.

 فَأَسَرَّ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذَلِكَ إلَی علی وَأَهْلِ بَيْتِهِ.

 قال‌: ثمّ قال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌:

 مَا خَرَجَ وَلاَ يَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ إلَی قِيَامِ قَائِمِنَا أَحَدٌ لِيَدْفَعَ ظُلْمَاً أَوْ يَنْعَشَ حَقَّاً إلاَّ اصْطَلَمَتْهُ البَلِيَّةُ وَكَانَ قِيَامُهُ زِيَادَةً فِي‌ مَكْرُوهِنَا وَشِيعَتِنَا.

 لقد كانت‌ هذه‌ هي‌ القصّة‌ المذكورة‌ في‌ مقدّمة‌ « الصحيفة‌ السجّاديّة‌ ». ومن‌ بعدها تبدأ أبواب‌ « الصحيفة‌ »، ومن‌ ثمّ ذِكْر الادعية‌.

 شاهدنا في‌ هذه‌ العبارة‌ هو قوله‌ عليه‌ السلام‌: مَا خَرَجَ وَلاَيَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ... وتدلّ هذه‌ العبارة‌ علی أنَّ مَن‌ يخرج‌ منّا أهل‌ البيت‌ بعنوان‌ الإمامة‌ فسوف‌ يُهزم‌، وأنَّ هذا الحكم‌ مستمرّ حتّي‌ قيام‌ قائم‌ آل‌ محمّد الذي‌ سيظهر؛ والظهور مختصّ به‌ عليه‌ السلام‌. و إلی ذلك‌ الزمان‌، فكلّ من‌ يخرج‌ منّا أهل‌ البيت‌ فسوف‌ يكون‌ خروجه‌ هذا خلاف‌ خروج‌ قائمنا ومسبّباً لزيادة‌ مصائبنا، وليس‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ دلالة‌ علی عدم‌ جواز إقامة‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ في‌ زمان‌ الغيبة‌، والبيعة‌ للحاكم‌ الشرعي‌ّ.

 وخلاصة‌ الامر، لا يمكن‌ رفع‌ اليد عن‌ أدلّة‌ حكومة‌ الولي‌ّ الفقيه‌ التي‌ وصلتنا بواسطة‌ هؤلاء الاجلّة‌ بسبب‌ هذه‌ الرواية‌، وترك‌ الناس‌ من‌ دون‌ قائد وزعيم‌ شرعي‌ّ كالهمج‌ الرعاع‌ في‌ يد اليهود والنصاري‌ وحكّام‌ الجور. وبما أ نَّه‌ لايمكن‌ للمجتمع‌ أن‌ يكون‌ من‌ دون‌ رئيس‌ وقائد، فرئاسته‌ تنحصر في‌ أفضل‌ الاشخاص‌ من‌ جهة‌ العلم‌ والدراية‌ والعقل‌ والقدرة‌ علی الحكومة‌ والاورعيّة‌ وتجاوز الهوي‌ والارتباط‌ بالله‌.

 وليس‌ مصبّ دلالة‌ هذه‌ الحديث‌ ترك‌ المجال‌ ترك‌ المجال‌ مفتوحاً للظلم‌ علی الإطلاق‌، ولارفع‌ الامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر، فجميع‌ تكاليف‌ ومسؤوليّات‌ المسلمين‌ في‌ زمان‌ الحضور مستمرّة‌ لهم‌ في‌ زمان‌ الغيبة‌ أيضاً، فيجب‌ تطبيق‌ الحدود والاحكام‌ الإلهيّة‌؛ غاية‌ الامر، أنَّ ذلك‌ يتمّ في‌ زمان‌ الحضور بالاصالة‌ من‌ قبل‌ الإمام‌، بينما يكون‌ في‌ هذا الزمان‌ بنظر الإمام‌ بالنيابة‌. هذا من‌ ناحية‌ دلالة‌ هذا الحديث‌.

 وأمَّا من‌ ناحية‌ السند: فـ « الصحيفة‌ السجّاديّة‌ » كـ « نهج‌ البلاغة‌ » من‌ الكتب‌ المعتبرة‌، وقد عُدّت‌ زبور آل‌ محمّد، وهي‌ من‌ أفضل‌ الكتب‌ بين‌ الشيعة‌ من‌ قديم‌ الايّام‌ ولازالت‌. وسندها أيضاً لايحتاج‌ إلی ذلك‌ البحث‌ وتلك‌ الدقّة‌. وهي‌ عن‌ الإمام‌ السجّاد بشكل‌ مسلّم‌. غاية‌ الامر، أنَّ ثمّة‌ كلام‌ في‌ المراد بقوله‌: حَدَّثَنا، الوارد في‌ أوّل‌ « الصحيفة‌ »:

 حَدَّثَنا السَّيِّدُ الاَجَلُّ، نَجْمُ الدِّينِ بَهَاءُ الشَّرَفِ أبوالحَسَنِ مُحَمَّدُبْنُ الحَسَنِبْنِ أَحْمَدَبْنِ علی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَحْيَي‌ العَلَوي‌ِّ الحُسَيْنِي‌ِّ، رَحِمَهُاللَهُ؛ قالَ فُلانٌ... إلی أن‌ يصل‌ إلی عميربن‌ المتوكّل‌، عن‌ أبيه‌ المتوكّل‌بن‌ هارون‌؛ وبهاء الشرف‌ أبو الحسن‌ وسائر الاشخاص‌ المذكورين‌ هنا هم‌ من‌ المعروفين‌ والمميّزين‌ في‌ الرجال‌، ولاشكّ ولاشبهة‌ فيهم‌. وهم‌ أشخاص‌ معروفون‌. أمَّا الشخص‌ الذي‌ يروون‌ عنه‌ فهو مجهول‌.

 ومن‌ المسلّم‌ به‌ أنَّ صاحب‌ « حدّثنا » يجب‌ أن‌ يكون‌ شخصاً معاصراً لبهاءالشرف‌ محمّدبن‌ الحسن‌ بن‌ أحمد بن‌ علی بن‌ محمّدبن‌ عمربن‌ يحيي‌ العلوي‌ّ لكي‌ يتمكّن‌ من‌ الرواية‌ عنه‌.

 والاشخاص‌ الذين‌ كانوا في‌ ذلك‌ الزمان‌ ورووا عن‌ هذا السيّد الجليل‌( العلوي‌ّ الحسيني‌ّ) عددهم‌ كبير. وقد روي‌ « الصحيفة‌ » عن‌ بهاءالشرف‌ سبعة‌ من‌ كبار علماء الشيعة‌، ذكرهم‌ المرحوم‌ صاحب‌ « المعالم‌ » في‌ إحدي‌ إجازاته‌.

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ العلاّمة‌ آغا بزرك‌ الطهراني‌ّ حول‌ قائل‌: «حَدَّثَنَا»

 وبالمناسبة‌ أنقل‌ لكم‌ هذا الكلام‌، وهو ما أخذته‌ في‌ التاسع‌ عشر من‌ رجب‌ سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وخمس‌ وسبعين‌( يعني‌ قبل‌ خمس‌ وثلاثين‌ سنة‌) في‌ النجف‌ عن‌ المرحوم‌ العلاّمة‌ النحرير، أُستاذنا في‌ فنّ الدراية‌ والإجازات‌، المرحوم‌ الحاج‌ آغا بُزرك‌ الطهراني‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌، وكان‌ قد كتب‌ هذا المطلب‌ المبارك‌ علی ظهر الصفحة‌ الاُولي‌ للصحيفة‌ الخطيّة‌ التي‌ يقرأها، فأعطاني‌ تلك‌ « الصحيفة‌ » فقمت‌ بنسخ‌ ذلك‌ المطلب‌ من‌ خطّه‌ وألصقته‌ علی صحيفتي‌. والعبارة‌ التي‌ يذكرها في‌ تلك‌ « الصحيفة‌ » هي‌ ـإجمالاًـ بالنحو الت إلی:

 بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ الحَمْدُ لِوَلِيِّهِ وَالصَّلاةُ عَلَینَبِيِّهِ وَوَصِيِّهِ؛ وَبَعْدُ: فَاعْلَمْ أ نَّهُ رَوَي‌ الصَّحِيفَةَ عَنْ بَهَاءِ الشَّرَفِ المُصَدَّرِ بِهَا اسْمُهُ الشَّريفُ، جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُمْ الشَّيْخُ نَجْمُالدِّينِ جَعْفَرُبْنُ نَجِيبِ الدِّينِ...

 يقول‌: اعلم‌ أنَّ أُولئك‌ الاشخاص‌ الذين‌ رووا « الصحيفة‌ » عن‌ بهاءالشرف‌ نجم‌الدين‌ ـطبقاً لكلام‌ نجم‌ الدين‌ جعفربن‌ نجيب‌الدين‌ محمّدبن‌ جعفربن‌ هبة‌الله‌بن‌ نماء( ابن‌ نماء الحلّي‌ّ) في‌ الإجازة‌ المسطورة‌ في‌ إجازة‌ صاحب‌ « المعالم‌ » وتأريخ‌ بعض‌ تلك‌ الإجازات‌ سنة‌ ستمائة‌ وسبع‌ وثلاثون‌ هجريّة‌. وقد وردت‌ في‌ كتاب‌ الإجازات‌ من‌ « بحار الانوار » ص‌108ـ هم‌ سبعة‌ أشخاص‌: أحدهم‌ جعفربن‌ علی المشهدي‌ّ؛ والثاني‌: أبوالبقاء هبة‌الله‌بن‌ نماء؛ والثالث‌: الشيخ‌ المقرّي‌ّ جعفربن‌ أبي‌ الفضل‌بن‌ شعرة‌؛ والرابع‌: الشريف‌ أبي‌ القاسم‌ بن‌ الزكي‌ّ العلوي‌ّ؛ والخامس‌: الشريف‌ أبوالفتح‌ ابن‌ الجعفريّة‌؛ والسادس‌: الشيخ‌ سالم‌بن‌ قَبَارَوَيْه‌؛ والسابع‌: الشيخ‌ عربي‌ّبن‌ مسافر.

 يقول‌: جميع‌ هؤلاء من‌ الاجلّة‌ والمشاهير، وأبو الفتح‌ الذي‌ هو أحد السبعة‌ وكان‌ معروفاً بابن‌ الجعفريّة‌، هو السيّد شريف‌ ضياءالدين‌ أبو الفتح‌ محمّدبن‌ محمّد العلوي‌ّ الحسيني‌ّ الحائري‌ّ، الذي‌ قرأ عليه‌ السيّد عزّالدين‌ أبو الحرث‌ محمّدبن‌ الحسن‌ بن‌ علی العلوي‌ّ الحسيني‌ّ البغدادي‌ّ كتاب‌ « معدن‌ الجواهر » للكراجكي‌ّ في‌ جمادي‌ الاُولي‌ سنة‌ خمسمائة‌ وثلاث‌ وسبعين‌ في‌ الحلّة‌ السيفيّة‌( والمقصود مدينة‌ الحلّة‌).

 يقول‌: وقد ذكرت‌ هذه‌ الطائفة‌ سنة‌ خمسمائة‌ وثلاث‌ وسبعين‌ لكي‌ يعرف‌ ذلك‌ العصر والاشخاص‌ الذين‌ رووا « الصحيفة‌ » عن‌ بهاءالشرف‌. بناءً علی هذا، فالذي‌ يقول‌: حَدَّثَنا... هو واحد من‌ أُولئك‌ السبعة‌ لاغير. وأيّاً كان‌ الراوي‌ منهم‌، فهذه‌ « الصحيفة‌ » هي‌ في‌ كمال‌ الإتقان‌، لانَّ كلاّ منهم‌ فقيه‌ صاحب‌ رواية‌ من‌ الشيعة‌ الاثني‌ عشريّة‌ الإماميّة‌، ومن‌ مشاهير علماء التشيّع‌.

 ولقد أورد هذا المطلب‌ صاحب‌ « المعالم‌ » في‌ إحدي‌ إجازاته‌، وذكر هناك‌ ثلاث‌ إجازات‌ بخطّ الشهيد الاوّل‌، ومنها هذه‌ الإجازة‌( أي‌ إجازة‌ نجم‌الدين‌ جعفربن‌ نما، وإجازة‌ صاحب‌ « المعالم‌ » هذه‌ قد ذكرها المجلسي‌ّ في‌ مجلّد الإجازات‌ من‌ كتابه‌ الشريف‌ «بحارالانوار». وبإمكان‌ من‌ يروم‌ مطالعتها أن‌ يراجع‌ جزء الإجازات‌ في‌ «البحار».

 وعلی ما ذُكر، فهذه‌ الرواية‌ واضحة‌ الدلالة‌، كما أنَّ سندها صحيح‌ ولاشكّ ولاتردّد فيه‌ أيضاً. لكن‌ لا يمكن‌ التمسّك‌ بها لإثبات‌ عدم‌جواز تشكيل‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌، كما فعل‌ البعض‌ إذ ذكرها في‌ زمرة‌ أدلّة‌ ذلك‌. كما لايمكن‌ التمسّك‌ برواية‌ المجلسي‌ّ عن‌ « المناقب‌ » عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ والتي‌ قال‌ فيها لزيد:

 يَا زَيْدُ! إنَّ مَثَلَ القَائِمِ مِنْ أَهْلِ هَذَا البَيْتِ قَبْلَ قِيَامِ مَهْدِيِّهِمْ مَثَلُ فَرْخٍ نَهَضَ مِنْ عُشِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَوِي‌َ جَنَاحَاهُ... وقد بيّنا أ نَّها لاتدلّ علی هذا المعني‌. وأمَّا من‌ ناحية‌ السند فهي‌ رواية‌ موثّقة‌.

 وإن‌ كان‌ ابن‌ شهرآشوب‌ قد أورد مطالب‌ كتابه‌ من‌ دون‌ ذكر السند، لكنّ الروايات‌ التي‌ ينقلها أكثر اعتباراً من‌ أكثر الكتب‌ التي‌ تذكر مطالبها مع‌ الإسناد. فـ « المناقب‌ » لابن‌ شهرآشوب‌، كتاب‌ نفيس‌ ومعتبر جدّاً، ويُعدّ من‌ ذخائر ونفائس‌ الشيعة‌. فابن‌ شهرآشوب‌ رجل‌ علم‌ ودراية‌ وفهم‌. ولقد قمتُ بعد مطالعة‌ الكثير من‌ « المناقب‌ » بتطبيقه‌ مع‌ روايات‌ أهل‌ السنّة‌ والتواريخ‌ الواردة‌ من‌ طريقهم‌، فرأيت‌ أنَّ هذا الرجل‌ الجليل‌ قد جمع‌ لبّ وحقيقة‌ تلك‌ المعاني‌ التي‌ يصدّقون‌ بها. وخلاصة‌ الامر، فهو يحوي‌ علی الكثير من‌ المطالب‌ المجمع‌ عليها عند الشيعة‌ والتي‌ لايمكن‌ لاهل‌ السنّة‌ إنكارها.

 وقد أورد عين‌ هذه‌ الرواية‌ أو ما يشبهها في‌ مناقب‌ الائمّة‌ الاثني‌ عشر. والحقّ يُقال‌: إنَّه‌ كتاب‌ نفيس‌ ويليق‌ بأن‌ يُطبع‌ بأفضل‌ حلّة‌ مع‌ تعليقات‌ مُفيدة‌ ويجعل‌ في‌ متناول‌ أيدي‌ العلماء. فهو من‌ حيث‌ الاعتبار أكثر ثباتاً وقوّة‌ من‌ كثير من‌ الكتب‌ الاُخري‌ المسندة‌، لانَّ بعض‌ الكتب‌ المسندة‌ التي‌ تنقل‌ الرواية‌ مع‌ سلسلة‌ السند إمَّا أن‌ يُشاهد في‌ أسنادها ضعف‌ أو تسقط‌ عن‌ درجة‌ الاعتبار بسبب‌ جهالة‌ الراوي‌. أمّا هذا الشخص‌، فهو من‌ حيث‌ الإتقان‌ والثبت‌ والضبط‌ في‌ درجة‌ أ نَّه‌ لاينقل‌ إلاّ الشي‌ء الذي‌ يطمئنّ به‌، والذي‌ يكون‌ من‌ ناحية‌ الدراية‌ موجباً للاطمئنان‌ وسكون‌ الخاطر. فهكذا كان‌ ابن‌ شهرآشوب‌. وعليه‌، فذكره‌ لهذا المطلب‌ في‌ كتابه‌ خير داعٍ للوثوق‌ به‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

      

ارجاعات

[1] ـ «عيون‌ أخبار الرضا» ج‌ 1، ص‌ 194، باب‌ 25، طبعة‌ الاعلمي‌ّ ـ أُوفسيت‌ النجف‌.

[2] ـ صدر ا لآية‌ 78، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[3] ـ ورد في‌ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 325 و 326، طبعة‌ بيروت‌، سنة‌ 1379 ه أ نَّه‌ أقدم‌ هشام‌ زيدبن‌ علي‌ّبن‌ الحسين‌ فقال‌ له‌: إن‌ يوسف‌بن‌ عُمر الثقفي‌ّ كتب‌ يذكر أنَّ خالدبن‌ عبدالله‌ القسري‌ّ ذكر له‌ عندك‌ ستمائة‌ ألف‌ درهم‌ وديعة‌. فقال‌: ما لخالد عندي‌ شي‌ء! قال‌: فلابدّ من‌ أن‌ تشخص‌ إلي‌ يوسف‌ بن‌ عمر حتّي‌ يجمع‌ بينك‌ وبين‌ خالد. قال‌: لاتوجّه‌ بي‌ إلي‌ عبد ثقيف‌ يتلاعب‌ بي‌. فقال‌: لابدّ من‌ إشخاصك‌ إليه‌. فكلّمه‌ زيد بكلام‌ كثير؛ فقال‌ له‌ هشام‌: لقد بلغني‌ أ نَّك‌ تؤهّل‌ نفسك‌ للخلافة‌ وأنت‌ ابن‌ أَمَة‌.

 قال‌: ويلك‌! مكان‌ أُمّي‌ يضعني‌؟ والله‌ لقد كان‌ إسحاق‌ ابن‌ حرّة‌ وإسماعيل‌ ابن‌ أَمَة‌ فاختصّ الله‌ عزّ وجلّ وَلَدَ إسماعيل‌ فجعل‌ منهم‌ العرب‌، فما زال‌ ذلك‌ ينمي‌ حتّي‌ كان‌ منهم‌ رسول‌الله‌؛ ثمّ قال‌: اتَّقِ اللَهَ يا هِشامُ!             فقال‌: أوَ مثلك‌ يأمرني‌ بتقوي‌ الله‌! قال‌: نعم‌؛ إنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ دونَ أنْ يَأْمُرَ بِها، وَلاأحَدٌ فَوْقَ أنْ يَسْمَعَها.

 فأخرجه‌ مع‌ رسل‌ من‌ قبله‌، فلمّا خرج‌، قال‌: وَاللَهِ إنِّي‌ لاَعْلَمُ أ نَّهُ مَا أحَبَّ الحَيَاةَ قَطُّ أحَدٌ إلاَّ ذَلَّ. وكتب‌ هشام‌ إلي‌ يوسف‌ بن‌ عمر: إذا قدم‌ عليك‌ زيدبن‌ علي‌ّ فاجمع‌ بينه‌ وبين‌ خالد ولايقيمن‌ قبلك‌ ساعة‌ واحدة‌، فَإنِّي‌ رَأَيْتُهُ رَجُلاً حُلْوَ اللِسَانِ شَديدَ البَيَانِ خَلِيقَاً بِتَمْوِيهِ الكَلاَمِ؛ وَأهْلُ العِرَاقِ أَسْرَعُ شَي‌ءٍ إلَي‌ مِثْلِهِ.

 فلمّا قدم‌ زيد الكوفة‌ دخل‌ إلي‌ يوسف‌ فقال‌: لِمَ أشخصتني‌ من‌ عند أميرالمؤمنين‌؟ قال‌: ذكر خالد بن‌ عبد الله‌ أنَّ له‌ عندك‌ ستمائة‌ ألف‌ درهم‌. قال‌: فأحضر خالداً! فأحضره‌ وعليه‌ حديد ثقيل‌؛ فقال‌ له‌ يوسف‌: هذا زيد بن‌ علي‌ّ، فاذكر مالك‌ عنده‌؛ فقال‌ خالد: وَاللَهِ الَّذي‌ لاإلَهَ إلاَّ هُوَ، مَا لِي‌ عِنْدَهُ قَليلٌ وَلاَ كثِيرٌ؛ وَلاَ أرَدْتُمْ بِإحْضارِهِ إلاَّ ظُلْمَهُ!

 فأقبل‌ يوسف‌ علي‌ زيد، وقال‌ له‌: إنَّ أمير المؤمنين‌ أمرني‌ أن‌ أخرجك‌ من‌ الكوفة‌ ساعة‌ قدومك‌؛ قال‌: فأستريحُ ثلاثاً ثمّ أخرج‌. قال‌: ما إلي‌ ذلك‌ سبيل‌ قال‌: فيومي‌ هذا. قال‌: ولاساعة‌ واحدة‌. فأخرجه‌ مع‌ رسل‌ من‌ قبله‌ فتمثّل‌ عند خروجه‌ بهذه‌ الابيات‌:

 مُنْخَرِقُ الخُفَّيْنِ يَشْكو الوَجَي                               ‌ تَنكُبُهُ أطْرافُ مَرْوٍ جِدادْ

 شَرَّدَهُ الخَوْفُ وَأزْرَيَ بِهِ                                         كَذاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الجِلادْ

 قَدْ كانَ في‌ المَوْتِ لَهُ راحَةٌ                   وَالمَوتُ حَتْمٌ في‌ رِقابِ العِبادْ

 فلمّا صار رسل‌ يوسف‌ بالتعذيب‌ انصرفوا، وانكفأ زيد راجعاً إلي‌ الكوفة‌، فاجتمع‌ إليه‌ مَن‌ بها من‌ الشيعة‌، وبلغ‌ يوسف‌ بن‌ عمر، فوثب‌ بينهم‌ وكانت‌ بينهم‌ ملحمة‌؛ ثمّ قُتل‌ زيدبن‌ علي‌ّ، وحمل‌ علي‌ حمار فأُدخِل‌ الكوفة‌، ونُصب‌ رأسه‌ علي‌ قصبة‌، ثمّ جُمع‌ فأُحرق‌ وذُرِّي‌ نصفه‌ في‌ الفرات‌ ونصفه‌ في‌ الزرع‌؛ وقال‌: يَا أهْلَ الكُوفَةِ! والَلهِ لاَدَعَنَّكُمْ تَأْكُلونَهُ في‌ طَعامِكُمْ وَتَشْرَبونَهُ في‌ مائِكُمْ. وكان‌ مقتل‌ زيد سنة‌ 121.

 وقد كانت‌ هذه‌ مقدّمة‌ لقيام‌ شيعة‌ خراسان‌ علي‌ بني‌ أُميّة‌.

[4] ـ «مرآة‌ العقول‌» ج‌ 1، ص‌ 261 الطبعة‌ الحجريّة‌.

[5] ـ «شرح‌ الصحيفة‌ السجّاديّة‌» لفيض‌ الإسلام‌، المقدّمه‌، ص‌ 22.

[6] ـ ا لآية‌ 39، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[7] ـ صدر ا لآية‌ 58، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[8] ـ قسم‌ من‌ ا لآية‌ 60، من‌ السورة‌ 17: الإسراء؛ وبداية‌ ا لآية‌ هكذا: وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ.

[9] ـ ا لآيات‌ 1 إلي‌ 3، من‌ السورة‌ 97: القدر.

[10] ـ ا لآيتان‌ 28 و 29، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب ولاية الفقيه فی حکومة الاسلام / المجلد الرابع/ القسم الثالث :ما الإمام الا الحاكم بالكتاب، رجوع‌ المتشابهات‌ إلی المح...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

      

الصفحة السابقة

كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ القَائِمِ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ...

 وأمَّا المراد من‌ الراية‌ المذكورة‌ في‌ الرواية‌ التي‌ نقلها المرحوم‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » والتي‌ وردت‌ في‌ « روضة‌ الكافي‌ » أيضاً( أنَّ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ لابي‌ بصير: كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ القَائِمِ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ) فلايمكن‌ أن‌ تكون‌ كلّ راية‌ في‌ نهج‌ ومسار القائم‌ عليه‌ السلام‌، وإنَّما المقصود الراية‌ التي‌ تكون‌ في‌ خلاف‌ راية‌ القائم‌.

 ونقل‌ هذه‌ الرواية‌ المرحوم‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ تع إلی عليه‌ في‌ « مرآة‌ العقول‌ » واعتبرها موثّقة‌؛ ثمّ قال‌ بعد ذلك‌: قال‌ الجوهري‌ّ: الطَّاغُوتُ: الكَاهِنُ وَالشَّيْطانُ وَكُلُّ رَأْسٍ فِي‌ الضَّلاَلِ. ويستعمل‌ أحياناً في‌ الواحد، كقوله‌ تع إلی: يُرِيدُونَ أَن‌ يَتَحَاكَمُو´ا إلَی الطَّـ'غُوتِ وَقَدْ أُمِرُو´ا أَن‌ يَكْفُرُوا بِهِ [1]. فضمير يَكْفُرُوا بِهِ مفرد ويرجع‌ إلی الطاغوت‌. إذَن‌، الطاغوت‌ هنا مفرد، وهو يعني‌ ذلك‌ المتعدّي‌ والظالم‌ الذي‌ يرجع‌ الناس‌ إليه‌ في‌ هذه‌ الاُمور للتحاكم‌.

 ويستعمل‌ أحياناً في‌ الجمع‌، كقوله‌ تع إلی: أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّـ'غُوتُ يُخْرِجُونَهُم‌ [2]. ضمير يُخْرِجُونَهُمْ،( واو الجمع‌) ترجع‌ إلی الطاغوت‌. فالطاغوت‌ هنا كان‌ جمعاً، والمراد الجماعة‌ الذين‌ يخرجون‌ أتباعهم‌ من‌ النور إلی الظلمات‌.

 ثمّ يقول‌ الجوهري‌ّ: وَطاغوتٌ إنْ جاءَ عَلَیوَزْنِ لاَهُوتٍ فَهُوَ مَقْلوبٌ لاِ نَّـهُ مِنْ طَغَي‌؛ وَلاَهُوتٌ غَيْرُ مَقْلوبٍ لاِ نَّهُ مِن‌ لاَهَ بِمَنْزِلَةِ الرَّغَبوتِ وَالرَّهَبوتِ ] مِنَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ [ وَالجَمْعُ الطَّواغِيتُ.

 قوله‌: لاهوت‌ من‌ لاَهَ وليس‌ من‌ لَهَي‌، إذ لَهَي‌ بمعني‌ انصرف‌ ومال‌ إلی الاعوجاج‌، أمّا لاَهَ فبمعني‌ تأَ لَّه‌ وصار عارفاً بالله‌.

 وعلی كلّ تقدير، فدلالة‌ هذه‌ الرواية‌ واضحة‌، كما أنَّ سندها حسن‌ جدّاً. لكنّها لاتنهض‌ للحكم‌ بالمنع‌ من‌ حكومة‌ الشرع‌ وولاية‌ الفقيه‌. وتبقي‌ الادلّة‌ الدالّة‌ علی وجوب‌ تولّي‌ الفقيه‌ الجامع‌ للشرائط‌ زمام‌ الاُمور في‌ كلّ زمان‌، ووجوب‌ انصياع‌ المؤمنين‌ والمسلمين‌ إليه‌ علی إطلاقها، وهي‌ تقف‌ حاجزاً أمام‌ كلّ من‌ يمتلك‌ في‌ قلبه‌ حبّاً لهذا المقام‌ ولو بمقدار قيد شعرة‌.( وقد بحثنا فيما مضي‌ حول‌ ذلك‌ بشكلٍ مفصّل‌، ولالزوم‌ لإعادة‌ ذلك‌).

 الرجوع الي الفهرس

اللَهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَ نَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي‌ كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي‌ سُلْطَانٍ

 يقول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ خطبة‌ له‌: اللَهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَ نَّهُ لَمْيَكُنِ الَّذِي‌ كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي‌ سُلْطَانٍ وَلاَ التِمَاسَ شَي‌ْءٍ مِنْ فُضُولِ الحُطَامِ، وَلَكِنْ لِنَرُدَّ المَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَنُظْهِرَ الإصْلاَحَ فِي‌ بِلاَدِكَ فَيَأْمَنَ المَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَتُقَامَ المُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ. [3]

 فأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الذي‌ هو أمامنا مقتدانا يقول‌: إنَّك‌ تعلم‌ ياإلهي‌ّ أنَّ تصدّينا لمقام‌ الخلافة‌ والإمامة‌ لم‌يكن‌ لمنافسة‌ ا لآخرين‌ وحصر القدرة‌ والسلطة‌ في‌ أيدينا وإبعاد ا لآخرين‌، وَلاَ الْتِمَاسَ شَي‌ءٍ مِنْ فُضُولِ الحُطَامِ، ولالنيل‌ حطام‌ الدنيا والاستمتاع‌ بزخارفها الفانية‌ الزائلة‌، فلم‌يكن‌ الامر كذلك‌ أبداً، وإنَّما هدفنا الوحيد من‌ الإمارة‌ والحكومة‌ هو ردّ المعالم‌ الزائلة‌ من‌ الدين‌ إلی موضعها، وإقامة‌ أعلام‌ الدين‌ ودلائله‌ الاصيلة‌( لقد سقطت‌ رايات‌ الدين‌ إلی الارض‌، وزالت‌ الدلائل‌ التي‌ تجعل‌ علی طريق‌ الوصول‌ إلی المقصد، فَمَن‌ يريد السير إلی التديّن‌ مستعيناً بهذه‌ الدلائل‌ التي‌ قد جعلوها سوف‌ يجدنفسه‌بلادين‌).

 ولكي‌ تُظهر الإصلاح‌ في‌ بلادك‌ ليعيش‌ الناس‌ في‌ ظلّ السلام‌ والسكينة‌، ولكي‌ تؤدّي‌ عباداتك‌ براحة‌ بال‌ واطمئنان‌ نفس‌ بالنحو الاتمّ والاكمل‌، ولكي‌ يأمن‌ المظلومون‌ من‌ عبادك‌( فلايرزح‌ المظلومون‌ تحت‌ نير الضغوط‌ والبلايا ولايعانون‌ من‌ محاولات‌ نهب‌ هم‌ وقبائلهم‌، ليقوم‌ الظالمون‌ بابتلاع‌ الدنيا من‌ خلال‌ استلامهم‌ لزمام‌ الاُمور، وكلّ مقاليد القدرة‌ والسلطة‌).

 ولكي‌ نقيم‌ الحدود المعطّلة‌ كذلك‌، ونطبّق‌ قوانين‌ وقواعد الشرع‌ بين‌ الناس‌.

 فالرئاسة‌ والإمارة‌ لاجل‌ ما تقدّم‌ ذكره‌؛ وهذه‌ مسألة‌ مهمّة‌ وصعبة‌. والذين‌ يدخلون‌ في‌ أجواء الرئاسة‌ ممّن‌ وصلت‌ إلی مشامّهم‌ رائحة‌ الدين‌ ومعرفة‌ الله‌، يدركون‌ مدي‌ صعوبة‌ أمر الرئاسة‌، وهم‌ في‌ كلّ يوم‌ يطلبون‌ من‌الله‌ موتهم‌ لكي‌ يستريحوا من‌ أعباء هذه‌ المسؤوليّة‌ الخطيرة‌. فليس‌ ثمّة‌ راحة‌ أو رخاء العيش‌ الدنيوي‌ّ، ومَن‌ رام‌ الهناء الاُخري‌ّ فعليه‌ بالتحلّي‌ بالصبر علی المشاقّ، إذ ليس‌ لهم‌ من‌ الرئاسة‌ والحكومة‌ والإمارة‌ سوي‌ الهمّ والغمّ وتراكم‌ المسؤوليّات‌ العظام‌! فهذه‌ هي‌ حقيقة‌ إمارتهم‌، وهي‌ مسألة‌ مهمّة‌ جدّاً.

 ثمّ يقول‌: اللَهُمَّ إنِّي‌ أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَسَمِعَ وَأَجَابَ؛ لَمْيَسْبِقْنِي‌ إلاَّ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلاَةِ. إنَّ هذه‌ المسؤوليّات‌ التي‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ تحمّل‌ هذا المقام‌، وإيصال‌ حقّ المظلومين‌، والقضاء علی الظالمين‌، وردّ المعالم‌ إلی حدودها، وسائر الاحكام‌ الواردة‌ في‌ الشرع‌ المقدّس‌( مسألة‌ الإمامة‌ والولاية‌) ـكما ذكرناـ مسألة‌ مهمّة‌ وعميقة‌ وخطيرة‌ جدّاً، وليس‌بإمكان‌ الإنسان‌ التخلّي‌ عن‌ تلك‌ الحقائق‌ وإشغال‌ نفسه‌ بما هو أقلّ منها درجة‌.

 الرجوع الي الفهرس

فَلَعَمْرِي‌، مَا الإمَامُ إلاَّ الحَاكِمُ بِالكِتَابِ...

 جاء في‌ الرسالة‌ التي‌ أرسلها الإمام‌ سيّد الشهداء لاهل‌ الكوفة‌ هذه‌ الجملة‌:

 فَلَعَمْرِي‌، مَا الإمَامُ إلاَّ الحَاكِمُ بِالكِتَابِ، القَائِمُ بِالقِسْطِ، الدَّائِنُ بِدِينِ الحَقِّ، الحَابِسُ نَفْسَهُ عَلَیذَاتِ اللَهِ، وَالسَّلاَم‌.[4]

 وشاهدنا في‌ هذه‌ الجملة‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: الحَابِسُ نَفْسَهُ عَلَیذَاتِ اللَهِ، فلايكون‌ في‌ سويداء قلبه‌ وفكره‌ ونيّته‌ ثمّة‌ شي‌ء غيرالله‌، ولاتكون‌ نفسه‌ منفصلة‌ عن‌ الله‌ عزّ وجلّ، ولابعيدة‌ عنه‌. وليس‌ له‌ أن‌ يتحرّك‌ بفكره‌ وهمّه‌ إلی هذه‌ الجهة‌ أو تلك‌ ولو بشكل‌ محدود.

 فعلی الإمام‌ أن‌ يحبس‌ نفسه‌ علی ذات‌ الله‌ تع إلی، وأن‌ لايلتفت‌ إلی أي‌ّ فكرة‌ أو خاطرة‌ صادرة‌ عن‌ غير الله‌ في‌ أمره‌ ونهيه‌ وعليه‌ إطاعة‌ الله‌ والتسليم‌ له‌، والفناء في‌ ساحته‌، والنزول‌ والمقام‌ في‌ حرم‌ أمنه‌. ويُقسم‌ الإمام‌: فَلَعَمْرِي‌ مَا الإمَامُ! وليس‌ المقصود هنا الإمام‌ المعصوم‌، بل‌ معني‌ القائد هو المراد؛ أي‌: لايحقّ لاحد التصدّي‌ للقيادة‌ في‌ العالم‌ ما لم‌يكن‌ ممتلكاً لهذه‌ الخصوصيّات‌( حابساً لنفسه‌ علی ذات‌ الله‌ تع إلی) أي‌ لايؤثّر فيه‌ كلام‌غير الله‌ عزّ وجلّ، أو أيّة‌ خاطرة‌ أو إنِّيَّة‌ أو إحساس‌ بالذات‌ ووقوف‌ عند الذاتيّات‌، من‌ قبيل‌ وقوفه‌ عند عدم‌ احترام‌ البعض‌ له‌، أو طريقة‌ تصرّفهم‌ معه‌، وأمثال‌ ذلك‌. فعليه‌ أن‌ يتجنّب‌ هذه‌ الاُمور بشكل‌ تامّ، كأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، الذي‌ يقول‌: لقد ضربني‌ ضربة‌ فاضربوه‌ ضربة‌ أيضاً، وإيّاكم‌ أن‌ تقتلوا أحداً آخر أو أن‌ تُمثِّلوا به‌.

 عندما قُتل‌ عمر، كان‌ قاتله‌ أبو لؤلؤة‌ وحده‌، إذ كان‌ قد أخفي‌ نفسه‌ تحت‌ بساط‌ المسجد، وقام‌ بطعنه‌ في‌ نفس‌ ذلك‌ اليوم‌ بتلك‌ المدية‌ في‌ بطنه‌؛ فقام‌ ابن‌ عمر( عُبيدالله‌) بأخذ شخص‌ إيراني‌ّ اسمه‌ هرمزان‌ وقتله‌ بتهمة‌ كونه‌ متعاوناً مع‌ أبي‌ لؤلؤة‌. فقام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بجهود كبيرة‌ من‌ أجل‌ قَتْلِ عبيدالله‌، لا نَّه‌ قَتَلَ نفساً بغير ذنب‌؛ فقاتل‌ عمر هو أبو لؤلؤة‌ وليس‌ شخص‌ آخر. وحتّي‌ لو ثبت‌ أنَّ الهرمزان‌ كان‌ متعاوناً مع‌ أبي‌ لؤلؤة‌، فجرمه‌ لايستدعي‌ قتله‌. فبقتل‌ عبيدالله‌ الهرمزانَ، فقد صار قاتلاً ووجب‌ عليه‌ القصاص‌، لارتكابه‌ القتل‌ العمدي‌ّ من‌ غير سبب‌.

 لقد جدّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هذه‌ القضيّة‌، أكثر ممّا كان‌ جدّه‌ في‌ سبيل‌ استلام‌ الحكم‌. لماذا؟ فهكذا الإمام‌ حقّاً. وعندما يُضرب‌ علی فرقه‌ ويشقّ رأسه‌ في‌ المحراب‌، يقول‌: ضربة‌ بضربة‌، لاتأخذوا أحداً آخر، لاتضعوا أيديكم‌ علی سيوفكم‌ وتقولوا بين‌ القبائل‌: قُتِلَ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ وتعملوا سيوفكم‌ بالناس‌! وحتّي‌ الذين‌ كانوا متعاونين‌ مع‌ ابن‌ملجم‌ كالاشعث‌بن‌ قيس‌ ووردان‌ وشبيب‌، نراه‌ لم‌يقتلهم‌ أو يأمر بقتلهم‌، لانَّ لهؤلاء جزاء آخر، إذ إنَّهم‌ أعانوا القاتل‌ دون‌ المشاركة‌ في‌ التنفيذ، وهذا له‌ حكم‌ آخر.

 من‌ ذا الذي‌ يستطيع‌ الالتزام‌ بهذا الحكم‌؟! فالحاكم‌ بين‌ أُولئك‌ أ نَّه‌ فيما لو قتل‌ لهم‌ واحد فسيقتلون‌ بدله‌ من‌ غير القاتل‌، متعلّلين‌ بأنَّ هؤلاء كانوا متعاونين‌ مع‌ القاتل‌، بخلاف‌ حكم‌ الإسلام‌ المستمدّ من‌ قوله‌ تع إلی: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [5]. فلايصحّ قتل‌ نفسين‌ مقابل‌ نفس‌ واحدة‌، وعلی المتولّي‌ لزمام‌ الاُمور أن‌ يعمل‌ وفق‌ السنّة‌ الإلهيّة‌، وأن‌ لايتأثّر بالاهواء وا لآراء والافكار، ولاتهزّه‌ أو تجعله‌ ينزلق‌، بل‌ عليه‌ أن‌ يعمل‌ وفق‌ قانون‌ الله‌. وعند ذلك‌ يكون‌ أمير المؤمنين‌، بينما يكون‌ ا لآخرون‌ معاوية‌.

 إنَّ علی و إلی الحكومة‌ والولاية‌ الذي‌ هو أعلم‌ وأبصر وأفقه‌ أبناء الاُمّة‌ أن‌ يكون‌ مرتبطاً بعالم‌ الغيب‌، وعليه‌ ألاّ يغفل‌ أو ينقطع‌ ارتباطه‌ بالسماء، وألاّ تجذبه‌ المراجعات‌ وضجيج‌ عالم‌ الكثرة‌ وغوغاء الاهواء والافكار والنظرات‌ إلی أيّة‌ جهة‌، فيقوم‌ بتحصيل‌ حقائق‌ ذلك‌ العالم‌ في‌ اللي إلی بقدم‌ ثابتة‌ في‌ محراب‌ العبادة‌ ويحفظها، ليستفيد في‌ النهار من‌ تلك‌ الذخيرة‌ في‌ عالم‌ الكثرة‌. إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْـًا وَأَقْوَمُ قِيلاً* إِنَّ لَكَ فِي‌ النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً. [6]

 عندما تخيّم‌ حلكة‌ الليل‌ وتعمّ العالم‌، تكون‌ الفرصة‌ أكثر مناسبة‌ للوقوف‌ في‌ محراب‌ العبادة‌ وللقول‌ القويم‌، فتجعل‌ تلك‌ الحلكةُ القدمَ أكثر ثباتاً وإحكاماً في‌ جلب‌ المنافع‌ والفيوضات‌ الربّانيّة‌. لكن‌، ما أن‌ يحلّ النهار فاسبح‌ أيّها النبي‌ّ في‌ بحر الكثرات‌ هذا، فإنَّ لك‌ سبحاً طويلاً؛ فخذ من‌ الليل‌ واصرف‌ في‌ النهار.

 روي‌ ابن‌ فهد الحلّي‌ّ في‌ « عدّة‌ الداعي‌ » عن‌ سيّد الاوصياء، عن‌ سيّدة‌ النساء فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها، أ نَّها قالت‌:

 مَنْ أَصْعَدَ إلَی اللَهِ خَالِصَ عِبَادَتِهِ أَهْبَطَ اللَهُ أَفْضَلَ مَصْلِحَتِهِ.

 فالذي‌ يُصعد إلی الله‌ خالص‌ العبادة‌، أي‌ العبادة‌ الخالصة‌ والطاهرة‌ والدعاء الخالص‌ والطاهر اللذين‌ يكونان‌ خاليينِ من‌ كلّ لون‌ وشبهة‌، وينزل‌الله‌ عليه‌ أفضل‌ مصلحة‌ من‌ عنده‌. فعلی حاكم‌ الشرع‌ أن‌ يرفع‌ إلی الله‌ أفضل‌ عبادته‌ وأفضل‌ دعائه‌ وافتقاره‌ القلبي‌ّ لكي‌ ينزل‌ الله‌ عليه‌ أفضل‌ المصلحة‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَیمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

مصرف کردن بدون تولید
آیه شریفه : وَ لَنُذيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَکْبَرِ ... (سوره مبارکه سجده ، آیه 21)ترجمه : و ما به جز عذاب بزرگتر (در قیامت) از عذاب این دنیا نیز به آنان می چشانیم ...روایت : قال أبي جعفر ( ع ): ... و لله عز و جل عباد ملاعين مناكير ، لا يعيشون و لا يعيش الناس في أكنافهم و هم في عباده بمنزله الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .  (اصول کافی ، ج 8 ، ص 248 )ترجمه : امام باقر(ع) مي‌فرمايد: ... و خداوند بدگانی نفرین شده و ناهنجار دارد که مردم از تلاش آنان بهره مند نمی شوند و ایشان در میان مردم مانند ملخ هستند که به هر جیز برسند آن را می خورند و نابود می کنند.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید