الدرس الأول: موقع ولاية الفقيه في الإسلام

الدرس الأول: موقع ولاية الفقيه في الإسلام

مضمون الولاية

إن ولاية الفقيه هي جزء من المنظومة الإسلامية الشاملة وحلقة من تلك السلسلة المباركة التي ترسم للإنسان مساره في هذه الدنيا، بالشكل الذي ينير طريق الهداية أمامه ويحقق الصراط المستقيم. وبالتالي فإن فهم وإدراك ولاية الفقيه يتوقف علی فهم وإدراك الإسلام وعقائده وأهدافه وأحكامه. يقول الإمام الخميني قدس سره: "ولاية الفقيه فكرة علمية واضحة، قد لا تحتاج إلی برهان، بمعنی أن من عرف الإسلام، أحكاماً وعقائد، يری بداهتها"1.

الإسلام شامل في أحكامه

عندما نطالع القرآن الكريم نجد أن آياته النورانية المباركة لم تقتصر علی سرد العقائد التي ينبغي أن يؤمن بها الإنسان، من معرفة الله إلی النبوة والمعاد... ولم تتوقف عند حدود ممارسة العبادات وإقامة الشعائر وتوطيد العلاقة بالخالق... بل نجدها شاملة لكافة جوانب الإنسانية، حيث نظمت علاقة الفرد مع الآخرين أي مع المجتمع ككل. ففي الإسلام نظام للعقوبات تكفلته أحكام الحدود والقصاص ونظام للدفاع تكفلته أحكام الجهاد ونظام للاقتصاد تكفلته أحكام المعاملات من البيع والإجارة وغيرهما...


وهذه الأمور لا تقل أهمية عن العبادات في الإسلام، بل ورد في الرواية عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: "ساعة إمام عدل عادل أفضل من عبادة سبعين سنة، وحدٌّ يقام لله في الأرض أفضل من مطر أربعين صباحاً"2.

بل تضمنت أحكام الإسلام قوانين أخری وتشريعات لبيان كيفية تطبيق هذه الأحكام وما هي الطرق التي ينبغي اعتمادها لصيرورة هذه الأحكام واقعاً يحتكم إليه الناس ويعيشون في ظله.

وهذا يعني أن الإسلام يطرح نظاماً كاملاً للإنسان، نظاماً لو التزم به الناس لكان العدل والرخاء
________________________________________
1- الإمام الخميني، روح الله، الحكومة الإسلامية، نشر مركز الإمام الخميني الثقافي، بيروت، الطبعة الأولی، ص 9.
2- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق.- ج 28، ص 12.
 
 
نصيبهم كما وعد الله تعالی ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾3، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَی آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾4. وقد وردت الآيات تحث الناس علی إحياء أحكام الإسلام، قال تعالی: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور﴾5.

يقول الإمام الخميني قدس سره: "ماهية قوانين الإسلام دليل آخر علی ضرورة تشكيل الحكومة، فهي تدلنا علی أنها جاءت لتكوين دولة، وتكون فيها إدارة، ويكون فيها اقتصاد سليم، وثقافة عالية"6.

الجهات التنفيذية

ما دمنا نتحدث عن أحكام لها علاقة بجميع جوانب المجتمع من اقتصاد وأمن وقضاء... فإن

________________________________________
3- المائدة:45.
4- الأعراف:96.
5- الحج:41.
6- الإمام الخميني، روح الله، الحكومة الإسلامية، نشر مركز الإمام الخميني الثقافي، بيروت، الطبعة الأولی، ص 30.
 
 
تطبيق هذه الأحكام لا يكون إلا في ظل سلطة تنفيذية قادرة علی تحقيق هذه الأهداف وإجراء هذه الأحكام. لذلك منذ فجر الإسلام الأول كان تأسيس السلطة التنفيذية مصاحباً لنزول الأحكام. فرسول الله صلی الله عليه وآله وسلم الذي حمل مهمة تبليغ الوحي كان في الوقت عينه رأس الهرم في السلطة التنفيذية، وبعده كانت سيرة المسلمين قائمة علی هذا الأساس، ولم يكن يتبادر إلی ذهن أحد فصل السلطة التنفيذية عن الدين والشريعة.

يقول الإمام الخميني قدس سره: "مجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح المجتمع، ولكي يكون القانون مادة لإصلاح وإسعاد البشر فإنه يحتاج إلی السلطة التنفيذية، لذا فإن الله عزَّ وجلَّ قد جعل في الأرض إلی جانب مجموعة القوانين حكومة وجهاز تنفيذ وإدارة. الرسول الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم كان يترأس جميع أجهزة التنفيذ في إدارة المجتمع الإسلامي... والحق أن القوانين والأنظمة الاجتماعية بحاجة إلی منفذ"7.
________________________________________
7- الإمام الخميني، روح الله، الحكومة الإسلامية، نشر مركز الإمام الخميني الثقافي، بيروت، الطبعة الأولی، ص 27.
 
 

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

مصرف کردن بدون تولید
آیه شریفه : وَ لَنُذيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَکْبَرِ ... (سوره مبارکه سجده ، آیه 21)ترجمه : و ما به جز عذاب بزرگتر (در قیامت) از عذاب این دنیا نیز به آنان می چشانیم ...روایت : قال أبي جعفر ( ع ): ... و لله عز و جل عباد ملاعين مناكير ، لا يعيشون و لا يعيش الناس في أكنافهم و هم في عباده بمنزله الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .  (اصول کافی ، ج 8 ، ص 248 )ترجمه : امام باقر(ع) مي‌فرمايد: ... و خداوند بدگانی نفرین شده و ناهنجار دارد که مردم از تلاش آنان بهره مند نمی شوند و ایشان در میان مردم مانند ملخ هستند که به هر جیز برسند آن را می خورند و نابود می کنند.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید